الســـــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تشكل (حقوق الوالدين) بكل ما يرتبط بها من أمور؛ قضية إنسانية مهمة لم تغفلها الرسالة المحمدية، بل جعلت منها محوراً رئيساً وأساساً متيناً ومن أفضل الأعمال التي يقوم بها العبد، وصنفت (عقوق الوالدين) ككبيرة من الكبائر التي يدين عليها الإسلام بشدة.
ولذلك فالقرآن الكريم يشير إلى هذه القضية في أكثر من سورة، ويعطيها اهتماماً مباشراً وغير مباشر، إذ تتضمن بعض الآيات القرآنية مضامين غير مباشرة (أي: غير صريحة) متعلقة بموضوع حقوق الوالدين والإحسان إليهما.
ومن الآيات التي ورد فيها خطاب مباشر وصريح فيما يتعلق بحقوق الوالدين؛ ما ورد في سورة الإسراء، حيث قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمً ﴾(1).
وقد ورد في الرواية عن أُبي بن كعب عن النبي
أنه قال: ”من قرأ سورة بني إسرائيل [سورة الإسراء] فرقَّ عند ذكر الوالدين أعطي في الجنة قنطارين من الأجر، والقنطار ألف أوقية ومائتا أوقية، والأوقية منها خير من الدنيا وما فيها“(2).
وهذه الرواية الشريفة تفيد بعظمة مكانة الوالدين وبالغ أهمية ما تضمنته الآيتان الكريمتان من أمور تتعلق بالإحسان إليهما، ومن أجل ذلك فمن فضل تلاوة هذه السورة -التي تعرضت لقضايا مهمة وحساسة كالتوحيد ومعجزة الإسراء والمعراج- أنها قد تضمنت خطاباً مباشراً يوجب حقوق الوالدين والإحسان إليهما.
وتفيدنا الرواية أيضاً بأن المهم في تلاوة القرآن الكريم هو العمل بما تتضمنه الآيات الكريمات من مضامين وإرشادات، إذ لا يكفي أن نقرأ عن وجوب الإحسان إلى الوالدين دون أن نعمل بذلك، وشاهدنا في الكلام ما ورد في الرواية من كلمة (فرقَّ)، التي تشير إلى وصول الآية إلى القلب ومدى تأثيرها العاطفي على نفس الإنسان مما يدفعه إلى العمل بأوامرها.
دمتم في رعاية الله
السلام عليكم